الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } * { وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }

قوله تعالى { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } اى يعقوب نية بنيه صادقة فى شان بنيامين بانهم يتحفظونه وياتون به الى يعقوب وراى يعقوب بنور النبوة ما يقع فى المستقبل فتعرف عجزهم عن دفع القدس فقال { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } اى ليس على مرادى ومرادكم بل يفعل كما يريد وهو قادر يحفظه وارجاعه الى قال بعضهم ما اعتمد منهم الميثاق لما سبق منهم اليه قبل ذلك فعلم ان مواثيقهم وحفظهم معلولة فقال الله خير حافظا وقال { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } هو الذى يحفظ قلوبكم ولا يحيلكم الى آرائكم واهوائكم ثم عرفهم اسباب العلم والعقل واستعمالها لتوقعه ان يتجاوز الاقدار عنهم بناقص من الحق من قدر سبق الاقدار الا ترى الى قولهيَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } يراقب سر اثبات القدر ومحوه فقال { يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } خاف من عين غيرة القدم على مقدور القدم فينتظر عليه سبق الرضا على السخط بقوله سبقت رحمتى غضبى فاستدرك بعد استعمال العلم صرف التوحيد فقال { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } اى تدبيرى وعلمى وعقلى وحذرى لا تدفع سابق القدر فارضى بما هو كائن منه تصديق ذلك قوله { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } ما يريد يكون كما اراد ثم برئ من حوله وقوته بقوله { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } وحقيقة التوكل رفع التدبير عند رؤية التقدير وفى الاية اشارة كان سر يعقوب اشار الى بنيه اى اذا عزمتم بقلوبكم وارواحكم وعقولكم واسراركم سلوك سبيل الحق لا تدخلوا فيه بسبيل واحد بل ادخلوا عليه بسبيل الصفات لتعرفوا حقائقها وتعرفوا بحقائقها عيان الذات فان من عرفه بصفة واحدة لم يعرفه بما استحقه من أوصاف القدم وصفات الازل قال جعفر فى قوله لا تدخلوا من باب واحد نسى يعقوب اعتماده على العصبة والقوة وان القضاء يغلب التدبير بقوله لا تدخلوا من باب واحد ثم استدرك عن قريب وساعده التوفيق وقال ما اغنى عنكم من الله من شئ قال ابن عطاء كيف يرد عن غيره من لا يرد عن نفسه وكيف يقوم بكفاية الغير من هو عاجز عن سياسته وقال الحسين صدق التوكل استعمال السبب مع ترك الاختيار قال الله { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } الاية وقال الواسطى التوكل الصبر لطوارق المحن قال الاستاذ فى قوله { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } يحتمل ان يكون اراد بتفرقهم فى الدخول لعل واحدا منهم يقع بصره على يوسف ان لم يره الاخر.