الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } * { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

قال الله تعالى { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } دعتهن الى بيتها فاجتمعت فى بيتها اعيان نساء المصر اللواتى صويحات الجمال وزينة وكشفن وجوههن وزينتهن ليغلبن على زليخا ويسلين يوسف منها فعلمت زليخا ضعفهن عن حمل اوائل رؤية يوسف وحسنه وجماله ولطفه ومنظره واحتالت فى القائهن فى المحبة بقوله { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً } اجلستهن فى اطيب المجالس واشرف المناظر على خوان فيه الوان الطعام والفواكه واعطت كل واحدة اترجا وسكينا وقالت كلن وقطعت الاترج وارادت بذلك الحيلة عليهن حتى شغلن بالطعام والكلام من رؤية يوسف ليخرج عليهن بالبديهة عن غير موعد ولا استيذان حتى يستغرقن فى بحر الهيبة والبهته عند رؤيته قال الله تعالى { وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } والبست يوسف قميصا منظوما بالدر واليواقيت ووضعت على راسها تاجا مكللاً باللالى والبست ساقيه وذراعيه سوارا او خلخالا ووضعت على يده مصحفتين حتى لا يستر وجهه لانه كان اذا راى امراة تغطى وجهه فعلمت شانه بذلك فخرج عليهن بديهة فصرن هائمات تائهات حائرات مفتولات من رؤية يوسف ذاهبات فى حسنه وجماله وعشقه قال تعالى { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } عظمنه بعظمة الله وهبن منه لما راين فى وجهه نور هيبة الله فذهلهن فى وجه يوسف فسقطن عن التمكين والعقل وفعلن افعالا مجهولة بقوله سبحانه { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } وذلك من استغراقهن فى عظمة الله وجلاله وان الله سبحانه اراهن من وجه يوسف ما اراه لزليخا فاوقعهن فى نور العظمة والكبرياء وجلال تجليه منه لهن وارى نور حسنه وجماله لزليخا من وجه يوسف فبقيت فى العشق ورعونته ونظافته وبقين فى العظمة والجلال لذلك قطعن ايديهن ولم يشعرن بذلك ولو رات زليخا ما راين ما استقامت فى حالها وما راودته عن نفسه الا ترى الى قوله تعالى { وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } راينه على صفة الملائكة المقدسين عن ان يوهم احدا لهم بالشهوة اى ليس هذا من ان يوهم احداً بالشهوة فانه مقدس من عالمنا لان عليه كسوة الملائكة من سواطع النور والبرهان الالهى عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مررت ليلة اسرى بى الى السماء فرايت يوسف فقلت يا جبرئيل من هذا قال هذا يوسف قالوا وكيف رايته يا رسول الله قال كالقمر ليلة البدر " وعن ابى فروة قال كان يوسف اذا سار فى ازقة مصر يرى تلالؤ وجهه على الجدران كما يرى نور الشمس والماء على الجدران قال وهب بلغنى ان نساء من الاربعين متن فى ذلك المجلس وجدا من يوسف يا صاحب العقل افهم ان صويحبات يوسف لما راين يوسف راين كسوة الربوبية على محل العبودية فوقعن من رؤيته فيما وقعت الملائكة من رؤية آدم حين سجدت له ولذلك قرئ فى بعض القراءة ما هذا الا ملك كريم وهٰهنا مقام التباس العارفين ومشاهدة المحبين ولا قدح فيه لانهم مقدسون من علة التشبه والحلول تعالى الله عن المشابهة بالارواح والاشباح وليس ما قال حسين بن منصور فى هذا المقام اشارة الى التشبيه لانه فنى فى التوحيد انشد وقال

السابقالتالي
2 3 4