الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } اى لذوى الاحوال من العارفين والمحبين والصادقين والمتقين والصابرين والعاشقين لان فيها من مقامات اهل الولاية ما يليق بشانهم من الفراق والوصال والبلاء والامتحان والعشق والمحبة وتحمل الجفاء والمكاشفة والبراهين الساطعة اقتداء بهم وطلبا لما وصل اليهم من الدرجات الرفيعة والمقامات الشريفة قال جعفر الصادق اولى الاسرار مع الله قال ابن عطاء عبرة لمن اعتبر وموعظة لمن اتعظ فى ان النفس ليس هي بمحل امن ولا اعتماد عليها قال الاستاذ منها للملوك فى بسط العدل كما بسط يوسف وفى المن على الرغبة والاحسان اليهم كما فعل يوسف لما ملكهم اعتقهم كلهم ومن العبرة فى قصصهم لارباب التقوى ان يوسف لما ترك هواه رقى الله الى ما رقاه ومن ذلك العبرة لاهل الهوى فى اتباع الهوى من شدة البلاء كامراة العزيز لما تبعت هواها لقيت ما لقيت من الضر والفقر ومن ذلك العبرة للمماليك فى حفظ حرمة السادة كيوسف لما حفظ حرمته فى زليخا ملِّك ملْك العزيز فصارت زليخا امراته حلالا ومن ذلك العفو ضد القدرة كيوسف حيث تجاوز عن اخوته ومنها ثمرة الصبر كيعقوب لما صبر على مقاساة حزنه ظفر يوما بلقاء يوسف الى غير ذلك من الاشارات فى قصة يوسف قوله تعالى { وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيه بيان جميع المقامات والمعاملات والمكاشفات والمشاهدات والآيات والكرامات والمنجيات والمهلكات ولطائف الاشارات الى علوم اللدنية والاسرار العجبية وهدى اى هاديا لمن له استعداد هذه الواقعات فى طريق الله ان الله وما يبدو منه من نعم مشاهدته وكرائم الطافه ورحمة اى مرهماً لقلوب المحزونين وباكورة لفؤاد المحبين وشمومه لارواح العارفين الذين يؤمنون بالله لا بانفسهم يعرفونه به لا بما منه فان ما منه محل الامتحان وهو تعالى بجلاله معادن العرفان والله اعلم.