الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } * { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } نصر الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم وجميع احبائه افرادهم بفردانيته عما دونه وانجاهم عن جنس النفوس وإبلاغهم مقام الانس مظفرهم على كل بغية لهم واداء ما عليهم من حقوق العبودية والفتح انفتاح ابواب الوصال وانكشاف انوار الجمال والجلال وبلوغهم عين الكمال وايضا نصر الله كشف غطاء النفس والفتح وقوع نور القدس فى القلب اذا ذهب قتام الحدثان فجاء النصر واذا انكشف جمال الرحمن قام الفتح وذلك بشارة الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم بوصوله اليه وتخلصه من اعباء النبوة ومشقة الرسالة وروية الاغيار فامره بتقديسه لنفسه والاستغفار منه لامته بقوله { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا } اذا كمل فى المعرفة واستقام فى التوحيد واقبل بكماله بحق الحق عند رجوعه من نفسه اليه كان معه بحار الثناء والعرفان والايقان والايمان فابرز الحق نورا من قدس قدمه له فسقط عنه ما معه من جميع الثناء فامره باستيناف ثنائه به لا بنفسه وأعلمه طريق الثناء عليه فى ايام الوصول اليه وقال فسبح بحمد ربك اى نزهه عما جرى على قلبك فى طول عمرك فانه اعز من ان يلحقه وصف الواصفين وحمد الحامدين فانت سبحانه بحمده لا بك الا ترى كيف قال فسبح بحمد ربك اى بحمد ربك فسبحه الحمد الذى حمد نفسه فى الازل وايضا اى سبح بحمد ربك الذى بحمده ما وصل مدحه مدح المادحين ولا حمد الحامدين واستغفره من حمدك وثنائك وجميع اعمالك له وعرفانك به فان لكل معلول اذ وصف الحدثان لا يليق بجمال الرحمن فانه كان موصوفا بوصفه لا بوصف الغير وكان وقابل التوب فى الازل ذى الطولة والمنة على عباده حيث قبل ثناؤهم وتسبيحهم وتوبتهم اذا كانت بنعت العلم بالعجز عن ادراك كنه قدمه والاعتراف بالجهل عن المعرفة بحقيقة وجوده قال ابن عطا اذا اشتغلك به عما دونه فقد جاءك الفتح من النصر والفتح هو النجوة من السجن والبشرى بلقاء الله وقال الواسطى اى فتح عليك العلوم فسبح بحمد ربك واستغفره على ما كان منك من قلة العلم بما اريد منك انه كان توابا وقيل اذا فتح الله قلبك برؤية منه عليك اقبل الله قلوب عباده اليك حتى يأتوك فوجا فوجا قال بعضهم احمد الله بحيث جعلك سبب وصول عباده إليه واستغفر الله من ملاحظة دعائك فان من اجابك هو الذى أجبنا وقت الميثاق وكتب له السعادة فى الازل فريق فى الجنة وفريق فى السعير.