الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }

قوله تعالى { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً } بشارة الرسل للخليل عليه السلام من الله سبحانه بدوام وصاله وكشف جماله بلا حجاب ولا عتاب وان خلته تولدت من سابق خلته الازلية والاصطفائية الابدية وبان النبوة باقية فى اولاده وبشروا انه تعالى مشتاق الى احبائه واخلائه وبشروا له بقدوم اخص اولاده واخص خلق الله من العرش الى الثرى محمد صلى الله عليه وسلم وبشارتهم باولاده من المرسلين نظام الرسالة ودوام الشريعة ونشر الحقيقة والسلام منهم اخبار عن اهليتهم لخليله ورفع النكرة وتعريف العهد الاولية بنعت زوال الخطرات والمعارضة وسلامهم ممزوج بسلام الحبيب وبديهة دنوه من خليله وسلام الخليل اظهار السرور بالضيف واكرامهم واظهاره الاهلية منه عرف سره سرهم موافق سلامه سلامهم اى ههنا بيت كرامة وسلامة من العيوب وما اطيب سلام الحبيب على الحبيب وما ألذ رسالة الحبيب الى الحبيب وما اشهى بشارة الحبيب للحبيب وان كان بالوسائط
سلام على سلمى وان شط دارها   سلام على ارض قديم بها العهد
سلام على جاراتها بجوارها   سلام حزين وامق شقه الصد
سلام عليها دائما متواتر   سلام على ارض اليها لها قصد
اذا نزلت سلمى بواد فماؤها   زلال وسلسال وشيحانها ورد
قال بعضهم بشروا لابراهيم بان نسبة الخلة ثابتة فانها لا تنقطع وقال بعضهم بشروه باخراج محمد صلى الله عليه وسلم من صلبه وانه خاتم الانبياء وصاحب لواء الحمد وقال بعضهم رسول الخليل اذا ورد فهو بشارة فاذا ادى الرسالة قد تم به البشرى خصوصا اذا ادى من الخليل سلاما الا تراه كيف ذكر قالوا سلامًا من الخليل فقال سلام من الخليل ثم به المراد قال ابن عطاء فى قوله { قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ } سلم لك رتبة الخلة من الزلل قال سلام اى هذه السلامة التى يوجب لى السلام من السلام قوله تعالى { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } اخبر عن فتوته واكرام ضيفه ولكن فيه ما فيه من اشارة الى قلبه المذبوح وروحه المجروح ونفسه المبذولة بين يدى سلطان جبروته وانوار ملكوته وسنا جماله وسر جلاله وتلك مجموعة نيران المحبة ولهب الشوق وحرقة العشق ليسلبها بياسمين القرب وورد الانس ونسيم صباء الوصلة وايضا تعريف احوال الملائكة هل جاءوا بالباس ام وذلك من لطيف صنيع الابناء وفيه اظهار المعارضة والخيفة ليعرف شان الحال وان كان خلقه السخاء والكرم قال بعضهم من اداب الفتوة اذا ورد الضيف ان تبدا بالكرامة فى الانزال ثم تثنيه بالطعام ثم بالكلام ألا ترى الخليل كيف بدأ بالطعام بعد السلام قال { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } وهو تعجيل ما حضروا بتكلف التكلم بعد ذلك لمن احب.