الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }

قوله تعالى { وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } لما غاصت سفينة القلوب فى بحار غيوب القدم ودارت فى لجج عظمتها كادت ان غرقت بطوفان غيرتها فسبقت لها عناية الازلية وما ابقتها فى بحار الفناء لئلا يفنى العبودية فى سطوات الربوبية فنادى السنة الوصال الى سماء كمال الذات وارض الصفات يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعى فامتنع الذات والصفات عن دركها وتلطفت الصفات والذات عليها بارجاعها الى مشاهد الافعال والايات واندرس عليها مسالك الانزال والاباد وهذا معنى قوله { وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ } جرى عليها احكام معارف الذات والصفات وغرق منها ما دون الذات والصفات فى الذات والصفات من النفوس وهواجسها والشياطين ووساوسها والعقول ومراتب مقاماتها والكونين والعالمين واستوائها بنعت التمكين على جودى الطريق والحقيق ان تكون ساكنة بعد الاضطراب فى المواجيد وصاحية بعد السكر باشربة بحار المقادير وهذه برمتها مشروحة فى قول النبى صلى الله عليه وسلم حيث دنا من الوصال وتدلى الى مشاهدة الجمال وكان بين قاب قوسي الازل والابد بقولهفَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } واستعاد فى دنو الدنو من الغرق فى بحار الازل والفناء فى ميادين الابد من قهر طوفان فلزم الكبرياء والعظمة بما سبق له من حسن عناية القدم بنعت الرضا بقوله " اعوذ برضاك من سخطك واعوذ بمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك " كان عليه السلام فى مدارك الصفات ومرائى انوار الذات سابحا فى بحر حقائق الازلية فخاف من فنائه فى قهر النكرات فقر تارة من الصفة الى الصفة وتارة من الفعل الى الفعل ومن الذات الى الذات تارة فقال اعوذ برضوان عنايتك من سخط غيرتك عليك ان يعرفك احد غيرك وايضا اى اعوذ برضوان جمالك من سطوات جلالك حتى لا افنى بك فيك واعوذ برضا بقائك من صولة عساكر تجلى قدسك فلما دار فى الصفة وخاف من الزوال فر منها الى انوار الافعال ليروح فؤاده الغائب فى الالوهية عن اثقال برحاء العزة فقال " اعوذ بمعافاتك من عقوبتك " بمعافاة دعائك الازلى من عقوبة هجرانك الابدى فلما استروح من اثقال السير فى الصفات بلطائف الافعال رجع الى مشاهدة الذات فقال " اعوذ بك منك " اعوذ بفردانيتك من حلاوة جمال مشاهدتك التى تصير العاشق بك بنعت وحدانيتك حتى يخرج بدعوى الانائية فى مشهد تنزيهك اعوذ بك من هذا المكر حتى اكون لا اكون انت يكون وازول كما لم ازل ازول وتكون كما لم تزل يكون فلما فنى عن رسوم العبودية وعن مشاهد الربوبية من الافعال والصفات وبقى بازاء انوار الالوهية بنعت استقامة التوحيد وافراد القدم عن الحدوث واستعار من الحق لسان الازلى واثنى به عليه فقال

السابقالتالي
2