الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } * { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } * { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }

قوله تعالى { الۤر } الالف اشارة جميع التأويلات التى جرت فى سوابق الازل للالوهية واللام اشارة جميع لوازمات العبودية التى وجبت احكامها فى الازل على اهل العبودية والراء اشارة الى راحات مشاهدة الذات والصفات للارواح واشباح قوله تعالى { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } مخبرات الكتاب من عيون الصفات واللذات نزهت عن تغاير الحدثان لان اصلها صفة القدم وليس فى القدم تبديل وتغيير { ثُمَّ فُصِّلَتْ } اى بينت للارواح العارفة والقلوب الشائقة مصارفها وحقائقها وتلك الايات معرفة الصفات والذات كأهل المشاهدات والمكاشفات تعرف لهم احكام الربوبية والعبودية ليشهدوا بانوارها شهود انوار الحق ويعلموا ما يجرى من احكام الغيب القدرى على الخلق قوله تعالى { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } هو من كلام ازلى حكيم اذ حكم باصطفائية عرفانه بمعرفته خبير باستعدادهم وقبولهم بوصف محبة عبوديته قال بعضهم احكمت اياته فى قلوب العارفين وفصلت احكامه على ابدان العاملين قيل احكمت اياته بالكرامات وفصلت بالبينات قال الاستاذ فى قوله { أُحْكِمَتْ } حفظه عن التغيير والتبديل ثم فصلت تبيان نعوت الحق فيما يتصف به من خلال الصمدية وما يعبد به الخلق من احكام العبودية ثم بين سبب نزول الكتب بهذه الاوصاف ان لا يكون العباد الا لمولاهم لما كان بينهم وبينه من مواصلة المحبة ووجوب الربوبية والعبودية بقوله { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } اى لا تلتفتوا الى ما لله فى عبادة الله ثم بين انه عليه السلام نذير بعظائم قهره وبشير بلطائف وصله قال الاستاذ نذير من الله بالفرقة بشير بدوام الوصلة ثم امرهم بالافتقار الى مشاهدته والافتخار بوصاله والاستغفار عن ملاحظة غيره فى طلبه ادراك جماله والرجوع من قهره الى لطفه ومن النفوس وحظها وهواها الى مراده ومتابعة امره بقوله { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } استغفروه من جنايات الاسرار وتوبوا اليه لطلب الانوار بنعت ترك النظر الى الاغيار قدم الاستغفار على التوبة لان الاستغفار تقديس والتوبة تخليص الاستغفار من الزلل التوبة من الغفل سئل سهل بن عبد الله عن الاستغفار فقال هو الاجابة ثم الانابة ثم التوبة ثم الاستغفار والاستغفار بالظاهر والانابة بالقلب والتوبة مداومة الاستغفار من تقصيره فيها وقال بعضهم استغفروا ربكم عن الدعاوى وتوبوا اليه من الخطرات المذمومة وقال يوسف استغفار العام من الذنوب واستغفار الخاص من رؤية الافعال دون رؤية المنة والفضل واستغفار الأكابر من رؤية كل شئ سوى الحق لما بلغت فى ذكر التفسير الى ههنا سالنى بعض الصحبة عن حقائق استغفار العارفين فقلت استغفارهم عن كون وجودهم مع كون الحق وعن تقصيرهم فى المعرفة عن ادراك حقائق صفات معروفهم وعن دعوى الانائية فى السكر فى مقام صحوهم وعن غاشية عين العبودية فى مشاهدة الربوبية الا ترى الى قوله عليه السلام

السابقالتالي
2