الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

قوله تعالى { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } انهم رزقك الله فهم خطابه فان الصادق العارف اذا وقع فى بحر الازل ويرى عجائب كشوف الصفات وانوار الذات سبحانه تعجب بشانه وظن ان واقعته لم تقع على احد غيره خاصة فى بداية حاله وبديهة كشفه فظن انه فريد فى حاله فعرف الله سبحانه احوال ما مضى على اوليائه ليعلم ان حاله لم يكن غريبا بل يكون معروفا عند العارفين ومعلوما عند الصديقين ومشروحا عند المرسلين ليفرح بسنة الله التى جرت باصطفائية اوليائه فى اوليائه فى الازل ولا يغيرها طوارق الحدثان قال تعالىسُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } والشئ اذا كان معروفا عند العلماء والاولياء لا مدخل فيه للمعارضات والشبهات قال ابو بكر الكتانى سألت الجنيد عن مجاراة الحكايات قال هى جنود من جنود الله فى ارضه يقوى بها احوال المريدين فقلت أله اصل فى الكتاب قال: قال تعالى { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ } الاية قوله تعالى { وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ } اى انكشف لك فى هذه الخطابات على اثر كل خطاب جمال الحق سبحانه وكشوف صفاته على وفاق الخطاب فحيث يخبر الخطاب عن الكبرياء ينكشف لك الكبرياء وكذلك العظمة والجلال والعزة والقدم والبقاء وان اخبر عن الذات يكشف لك الذات صرفا فاذا كان صلى الله عليه وسلم فى منازل الابتداء يقويه الحق بذكر احوال اخوانه من الانبياء ليطيق ان يحمل بدائع الواردات العجيبات له فاذا قوى بها يثبته بكشف جماله وجلاله حتى يطيق ان يعبر على بحار نكرات القدم ولا يتغير بطوارق المكربات والامتحانات ثم إن الله سبحانه يقوى قلوب تابعيه من الاولياء والمؤمنين بما جرى عليه من احكام الغيب وانباء الازلية ليطيقوا ان يحملوا اثقال ما اوحى اليه فثبت قلب النبى صلى الله عليه وسلم بقصة الرسل وما كشف لهم وثبت قلوب الامة بقصته وحاله فما اشرف هذه الاية حيث هو عليه السلام سبب تثبيت قلوبهم وتصديق ما ذكرنا قوله تعالى { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } صورة القرآن موعظة لاهل المعاملات وحقائقه تبصرة لاهل المعاينات يعرف الكل من بحار القرآن ما يوافق حاله وفهمه وادراكه فالعموم متعلقون بظاهره والخصوص متعلقون بباطنه وخصوص الخصوص فى تجلى الحق فيه وحقيقة القرآن هو الصفة الازلية فاذا انكشف القرآن باصله فقد انكشف الحق فيه لمن خص بخصوصية الصفة واخبر بذلك امير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال ان الله يتجلى لعباده فى القرآن قال ابو يزيد فوائد القرآن على حسب ما يوصل له مستمعه فمن سمعه من امثاله ففائدته فيه علم احكامه ومن سمعه كانما سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ على امته موعظته منه بيان معجزته وانشراح صدره بلطائف خطابه ومن سمعه من جبرئيل عليه السلام كانما يقرأ الى النبى صلى الله عليه وسلم فمشاهدته فى ذلك مطالعات الغيوب والنظر الى ما فيه من الموعود من سمع الخطاب فيه من الحق فنى تحته ومحقت صفاته وصار موصوفا بصفات التحقيق يعنى من علم اليقين وعين اليقين ويحصل فى درجات حق اليقين.