الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } * { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله تعالى { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } ان الله سبحانه حفظ الاوقات على اهل المشاهدات والمحاضرات ووسمها بوظائف الطاعات لهم ليصلوا بالمجالسات والمحاضرات والمراقبات والطاعات الى معالى الدرجات والقربات لان من حضر بقلبه وروحه وعقله مجالس الذكر والمراقبة يصل سره الى رؤية المشاهدة احد طرفى النهار لان كثرة الفترة والزلة والغفلة يكون بالنهار حتى يكونا ذاهبين بما جرى بينهما من الغفلات بما فيها من صفاء الاذكار وجولان الافكار واخذ طرفا من الليل وهو اولها لبقاء صفاء الوقت وحلاوة الذكر والطاعة وحرقة الوجد ولهب القلب ولذة الانس الى النهار ولا يترك صاحبها عاقلا وان كان نائما فاذا وصل اوقات الليل باوقات النهار ووصل اوقات النهار باوقات الليل بنعت عد الانفاس ونفى خواطر الوسواس تذهب انوارها غبار الخطرات وظلمة المعارضات وهيجان الطبيعات والبشريات كما قال تعالى { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } ان حسنات انوار المشاهدات تذهب سيئات المعارضات وتذهب حسنات كشف الجمال سيئات الخيال وتذهب حسنات التوحيد والمعرفة والفهم سيئات الظن والوهم ولا يعرف ما وصفنا الا اهل الذكر من المريدين واهل المراقبة من المحبين واهل الرعاية من العارفين كما قال تعالى { ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } قال ابو عثمان الاوقات والساعات جعلت علامات الاذكار اوقاتا للتيقظ والاعتبار فمن مرت عليه احواله واوقاته وساعاته فى غفلة فليتيقن بموت القلب لانه مطالب فى كل وقت من اوقاته اما بفريضة او سنة او ادب قال الواسطى انوار الطاعات تذهب بظلم المعاصى قال بعضهم رؤية الفضل تسقط عن العبد رؤية العمل قال ابو عثمان حسن الظن بالخلق يذهب الاحنة والغيبة ويورث الشفقة والنصيحة والرحمة وذلك موعظة لمن يوفق له ويؤهل وقال يحيى بن معاذ ان الله لم يرض للمؤمن بالذنب حتى ستر ولم يرض بالستر حتى غفر ولم يرض بالغفران حتى بدل ولم يرض بالتبدل حتى اجره عليها فقال { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } وقالفَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } يقال حسنات التوبة تذهب سيئات الزلة ويقال حسنات العرفان يذهب سيئات العصيان ويقال حسنات العناية تذهب سيئات الجناية ولما عظم شأن حفظ الاوقات واشتدت رعايتها على اهل المشاهدات والمجاهدات امر بالصبر عليها بقوله { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } اى واصبر فى دفع الخطرات المذمومة عن مزار المجاهدة وانوار المكاشفة وايضا واصبر تحت برحاء تجلى الكبرياء فانى اجازى باحسانك بذل وجودك لى بنعت طلب رؤيتى بكشف جمال بقائى حتى لا تفنى بنور كبريائى وتبقى معى بنور بقائى قيل اصبر على اداء الطاعات وعن ارتكاب الجنايات فان الله لا يضيع اجر من احسن فى اداب العبودية وقيل اصبر على الذكر فان من ذكر الله على الحقيقة ذكره كما قال عليه السلام " يقول الله اذا ذكرنى عبدى فى نفسه ذكرته فى نفسى " الحديث واى اجر اعظم واجل من ذكر باق يكون ثواب ذكر باق.