الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }

قوله تعالى { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } كان صلى الله عليه وسلم مصطفى فى الازل بشرط الرسالة والنبوة والمقام المحمود الذى خص به عن جميع خلقه فلما جاء عليه اوائل الاصطفائية ودلائل الرسالة وحقائق انوار الوصلة بغتة ولم يحصل له تسرمد الحاصل البداية تردد حاله وعارضه وسره وخاف من فوت الحال فتسلى الحق قلبه بخطابه واحاله الى رؤساء اخبار كتبه المنزلة ليعرفوا من هناك نشر فضائله واختصاصه فى الازل برسالته بما وجدوا فى كتبهم الا ترى كيف اراد ان تلقى نفسه من حبل جرى شوقا الى جبرئيل عليه السلام ورسالة الله سبحانه حتى جاء جبرئيل واخذه وتسلاه بسلام الله ووحيه والا ترى الى قوله زملونى زملونى ولا تعجب عن خواطر التردد عن البشر وان كان رفيعا فان شاهد القدم لو بقلب سربال الربوبية يبلغ قلوب الصديقين ويفنى ارواح المقربين من يتخلص من معارضة النفس بعد المكاشفة وتلك المعارضة يصدر من الحق امتحانا وعبرة حتى يطلع على الطالب شمس العناية وتمر السعادة فيرى الحق بالحق ويستقيم به له الا ترى كيف قال عليه السلام " انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة " وكيف قال " نحن اولى بالشك من ابراهيم " ليس هذا شكا فى وعد الله انه دفع المعارضة والخطرات الا ترى اذا استقام وزال الامتحان من مقام العرفان والايقان كيف قال لا اشك ولا اشك لا تعجب مما ذكرنا فان الحق حق والخلق خلق حاشا انه كان فى شك انما كان فى رؤية جلال القدم يرى نفسه غريباً عجيبا ويتعجب مما يرى من غائب وضوح الرؤية كان كمن لم ير فتحير فى امر الازلية واحكام الربوبية قد اضمحل الحدث فى القدم ويرى القدم ولم ير انه يرى القدم بالحدث فدهش بين رؤيتين يسمع خطاب الازل فيرى الحدث متكلفا بين انوار القدم
انا مبصر واظن انى نائم   من كان يحلم بآلائه فاحلما
كبر العيان على حتى انه   صار اليقين من العيان توهما
قال ابن عطاء فى قوله { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } مما فضلناك وشرفناك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك وهم الاعداء كيف وجدوا وصفك فى كتبهم وكيف راوا فيها نشر فضائلك يدل عليه قوله عليه السلام حين انزلت هذه الاية " لا اشك لا اشك ".