الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

قوله تعالى { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } اشتد غوائم القدم بان الاكوان والحدثان صادرات من فيض فعله سحرت فى بطش عزته محتاجات الى مزيد رحمته حسم اطماع عبيده عنها وصرف وجوههم منها الى نفسه اذ لا ذرة من الكون جارية الا بمشيئته فما دام الكل له فابذل كلك لكليته حتى يكون كله لك لا غير فان وعد الله فى ذلك حق لا يخيب رجاء الصادقين ولا يخلف مواعيد المقربين قال بعضهم المغيرون من يرجع الى غيرته فى سؤاله ومهماته وطلباته وله ما فى السمٰوات وما فى الارض فالكل له فمن طلب بعض الكل من غيره فقد اخطأ الطريق وقوله { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } ان يحرم سائل غيره ويبعد عليه وجه طلبته ولا يخيب سائله ويبلغه الى اقصى امانيه ثم بين الحق ان من اقبل اليه يحييه بانوار حياته حتى يبقى مع الحق بوصف شهوده على معاينة ذاته وصفاته ويميت نفسه حتى لا تزاحم بظلمه هواجسها انوار اسراره فى قلبه بقوله { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يحيى قلوب العارفين بمعرفته ومشاهدته ويميت نفوس الزاهدين بانوار هيبته ومراقبته فمعاد العارفين مشاهدة جماله وجلاله ومعاد الزاهدين آلاؤه نعماؤه وهذا معنى قوله { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } قال بعضهم هو يحيى القلوب باماتة النفوس ويميت النفوس بحياة القلوب وهذا لمن كان اليه رجوعه فى جميع اخواله وقيل يحيى الاسرار بانوار العزة ويميت النفوس بنزع الشهوات عنها قال النصرابادى يحيى الارواح فى المشاهدة والتجلى ويميت الهياكل فى الاستتار ثم ذكر سبحانه سبب هذه الحياة الباقية التى هى شفاء ارواح الصديقين وقوة ابدان المريدين ومنور اسرار العارفين وشفاء الم فراق المشتاقين وخبر دوام الوصال للمستأنسين والمحبين وهو كلامه القديم الذى هو نبأ القدم والبقاء وحلاوة الجمال والجلال واحكام الربوبية والعبودية بقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } خاطب اهل وده وسماهم بالناس لان غيرهم ليسوا بالناس فى الحقيقة حيث لم يعرفوا حقوق الازلية لذلك وصفهم بالجهل بقولهأُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } والناس من نسى نفسه وما دون الله فى الله اى قد جاء من متابعة موعظة احكام العبودية وشفاء اى انوار الربوبية وهدى تعريف نفسه بظهور انوار صفته ورحمة فتح ابواب المشاهدة فالموعظة للمريدين والشفاء للمحبين والهدى للعارفين والرحمة للمستانسين المشتاقين وايضا الموعظة للنفوس والشفاء للقلوب والهدى للارواح والرحمة للاشباح وايضا الموعظة مقام الرهبة والشفاء مقام الوصلة والهدى مقام المعرفة والرحمة مقام المخاطبة الموعظة صدرت من العظمة والشفاء صدر من حسن الجمال والهدى صدر من عيان القدم والبقاء والرحمة للعموم صدر من الافعال وللخصوص صدر من الصفات ولخصوص الخصوص صدر من الذات وايضا الموعظة للابقين والشفاء لمرضى المحبين والهدى للمريدين والرحمة للواصلين بدأ بالموعظة المريض حبه لانها ادوية اسهال شهواته بمعجونات موعظته تقديسا لاسراره عن عوارض بشرياته فاذا كان مقدسا بسقيه من اشربه مراهم الطافه شفاء لذلك السقم ولانه تعالى يشفى بخطابه صدور مرضى اهل شوقه

السابقالتالي
2 3