الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }

قوله تعالى { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } ابثت الحجة على ان الحدثان معلولة لا يزاحم القدم المنزه عن العلل وكيف يكون من العاجز القدرة على ايجاد الموجود وهو كان معدوما وفى وجوده عند قدم جلاله بالحقيقة معدوم حيث لا يقوم بنفسه بل يقوم بالقديم هذا رد على من اقبل الى غير الله ثم وصف نفسه تعالى بانه يبدئ الاشياء ومعيدها ابدا يكون بشهود قدمه على العدم بوصف كشوف جميع الصفات ثم يسلط انوار العظمة والهيبة فتضمحل الحوادث تحت اذيال سرادق العزة ثم يعيده بكشف جمال البقاء فيبقيها ببقائها فى بقائه فينقلب فى مدارك تصريفه بنعت المشيئة والإرادة القديمة يبدئ انوار القيومية فى قلوب العارفين فيبدئ بلطفائها حقائق المعرفة ثم يغشيها بسطوات الجلال حتى لا يبقى فى ظهور المعروف سوى المعروف ثم يعيدها بكشف قناع الجمال وحسن البهاء فتبقى لشاهد حسنه قال ابن عطاء يبدئ باظهار القدرة فيوجد المعدوم ثم يعيدها باظهار الهيبة وفقد الموجود وقيل يبدئ بكشف الاولياء فيمحو منها كل خاطر سواء ثم يعيده فتبقى بابقائه فلذلك عظم حال العارف فلما قدس عليه الخليفة عن ساحة الأزلية عرف مكان العلة المخاطبين بقوله { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ } صدق هذه الاية ما ذكر فى الاية الاولى وهى مصداقها بان الهادى لا يكون الا المكون القديم والمنزه الأزلي كما ان وصفه القدرة القديمة فايضا وصفه الهداية الابدية هو تعالى يهدى بنفسه وكشف انوار وجوده للحق الذى على اوليائه واصفيائه وهو حقائق العبودية والتأدب باداب الشريعة وايضا الله هو الحق يهدى اهله الى نفسه لنفسه لانه كان محبا لاهله فى الازل فتحقق حق محبته على اهل محبته ثم عرف حقوقه لحقه لاهل حقيقته بان يزيلوا علة النظر الى غيره وان يتبعوا بنعت المحبة والشوق ما يوجب رضاه بوصف الاسوة والاقتداء بالكتاب والسنة وذلك قوله { إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } سئل الحسين من هذا الحق الذى يشرون اليه قال معلل الانام ولا يصل سئل الواسطى ما حقيقة الحق قال حقيقته لا تقف عليه الا الحق قال الحسين الحق من الحق ومن اجل الحق وهو قائم الحق مع الحق وليس وراء ذلك الا رؤية الحق قال الله { أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ } ثم ان الله سبحانه اخبر عن حال الكل انهم عن ادراك حقيقة القدم وعظمة البقاء فى توهم النفوس وقتام الظنون بقوله { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } ظاهر الاية وصف اهل البعاد وللقوم اشارات فيها ان العقول محجوبة بالايات والقلوب محجوبة بالذات والارواح محجوبة بالراحات والنفوس محجوبة بالشهوات والاسرار محجوبة بالخطرات وما وجدت الكل من ساحة الكبرياء الا رسوم الافعال وما يقع عليها الا ظلال الملكوت وتصرقات الجبروت واين الحدث عن ادراك كنه القدم والاصل ممتنع بذاته عن ان يطلع على حقيقة وجوده خاطر من الخواطر وسر من الاسرار ولب من الالباب حاشا انهم فى مخائيل الظنون من اثبات الوحدانية بل مستبصرين بنور الحق وهم على بصيرة فى طريق معرفته وتوحيده قال تعالى

السابقالتالي
2