الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

قوله تعالى { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } الحق هو القرآن فى ظاهر التفسير وحقائقه وتجلى ذاته فى صفاته وتجلى صفاته فى فعله فوصل بركة تجليه الى كل مبارك وانصرف نوره عن كل محروم ثم بين سبحانه ان عروس القدم قد انكشف لاهل العدم فمن رآه رآه بحظه الوافر ومن اخطأه اخطأ طريق النجاة بقوله { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } اى من عرفنى فمعرفته راجع اليه ومن جهلنى فجهله راجع عليه فان ساحة الكبرياء منزهة عن معرفة العارفين وجهل الجاهلين حيث ما استوحش حين جهلوه وما استانس حين عرفوه ثم بين ان المتولى تعالى هو بنفسه فى الهداية والضلالة بقوله { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } قال الواسطى لو وقع التفاضل بالنعوت والصفات كان الذات معلولا ما اظهر فانما اظهره لك ان اجرى الاحسان عليكم فلكم بقولهإِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } وان اجرى الاهتداء فلكم بقوله { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } وان اجرى الشكر فلكم بقولهوَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } ثم ان الله سبحانه امر نبيه بمتابعة مراده واستقامته فى العبودية والصبر فى بلائه والرضا بقضائه بقوله { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } اى اتبع ما يحل فى قلبك من خطاب الازل وطيب روحك بطيبه واصبر اذا اشممت رائحة وصلتى ولا تضطرب فانك فى امتحان الرسالة حتى يحكم الله برفع الحجاب عن مشاهدته ويزيح العارفين والمحبين والمشتاقين عن بلية الحجاب ابدا وهو خير الحاكمين بان يفرق بين اوليائه واعدائه ويخلص اهل العرفان من اذية اهل الحرمان والله اعلم قال سهل اجرى الله فى الخلق احكامه وايدهم على اتباعها بقدرته وفضله ودلهم على رشدهم بقوله { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ } والصبر على الاتباع وترك تدبير النفس فيه النجاة عاجلا من رعونات النفس واجلا من حياء المخالفة والله اعلم.