قوله جلّ ذكره: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ }. هذه السورة من أَوّلِ ما نَزَل على المصطفى صلى الله عليه وسلم لمّا تعرِّض له جبريل في الهواء، ونَزَلَ عليه فقال: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ }. فالناسُ كُلُّهم مريدون - وهو صلى الله عليه وسلم كان مُرَاداً. فاستقبل الأمر بقوله: " ما أنا بقارئ، فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فقال له: " اقرأ كما أقول لك؛ { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } " أي خلقهم على ما هم به. { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }. العَلَق جمع عَلَقَة؛ كشجَرٍ وشجرة.. (والعَلَقَةُ الدمُ الجامد فإذا جرى فهو المسفوح). { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ }. " الأكرم ": أي الكريم. ويقال: الأكرم من كلِّ كريم. { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }. عَلَّمهم ما لم يعلموا: الضروريَّ، والكسبيَّ. { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ }. أي: يتجاوز جَدَّه إِذا رأى في نفسه أنه استغنى؛ لأنه يَعْمَى عن مواضع افتقاره. ولم يقل: إِن استغنى بل قال: { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } فإذا لم يكن مُعْجَباً بنفسه، وكان مشاهداً لمحلِّ افتقاره - لم يكن طاغياً.