الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

وَعَدَهُم جميعاً الجنةَ، ومساكنَ طيبة، ولا يطيب المَسْكَنُ إلا برؤيةِ المحبوبِ، وكلُّ مُحِبٍ يطيب مَسْكَنُه برؤية محبوبه، ولكنهم مختلفون في الهمم؛ فَمِنْ مربوطٍ بحظِّ مردودٍ إلى الخَلْق، ومِنْ مجذوب بحقِّ موصول بالحق، وفي الجملة كما يقال:
أجيرانَنَا ما أوحشَ الدارَ بَعْدَكُم   إذا غِبْتُمُ عنها ونحن حضورُ!
ويقال قومٌ يطيب مسكنُهم بوجودِ عَطَائِه، وقومٌ يطيب مسكنُهم بشهود لقائه، وأنشدوا:
وإنِّي لأَهْوى الدارَ لا يستقرُّ لي   بها الودُّ إلا أَنَّها من دِيارِكا
ثم قال: { وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }: وأمارةُ أهلِ الرضوانِ وجدانُ طَعْمِه؛ فهم في روْح الأُنْسِ، وروْح الأنْسِ لا يتقاصر عن راحة دار القُدْس بل هو أتمُّ وأعظم.