الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }

عاتَبهم على تَركِ البدار عند توجيه الأمر، وانتهاز فُرْصَةِ الرُّخصَة.

وأَمَرَهم بالجد في العزم، والقَصْدِ في الفعل؛ فالجنوحُ إلى التكاسل، والاسترواحُ إلى التثاقل أماراتُ ضعفِ الإيمان إذ الإيمان غريمٌ مُلازِمٌ لا يرضى من العبد بغير ممارسة الأشْقِّ، وملابسة الأحَقِّ.

قوله: { أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }: وهل يَجْمُل بالعابِد أَنْ يختارَ دنياه على عقْباه؟

وهل يحسُن بالعارف أَنْ يُؤْثِرَ هواه على رضا مولاه؟ وأنشدوا:
أيجملُ بالأحبابِ ما قد فعلوا   مضَوْا وانصرفوا يا ليتهم قَفَلُوا
إنَّ غيبةَ يوم للزاهد عن الباب تَعْدِل شهوراً، وغيبةُ لحظةٍ للعارف عن البِساط تعدل دهوراً، وأنشدوا:
الإلْفُ لا يصْبِرُ عن إِلْفِه   أَكْثَرَ من طَرْفَةِ عَيْنِ
وقد صبَرْنا عَنكُمُ ساعةً   ما هكذا فِعْلُ مُحِبيْنِ