الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ }

قوله جل ذكره: { وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ }.

الفجرُ انفجارُ الصُّبح وهو اثنان: مستطيلٌ وقصير؛ ففي التفسير: إنه فَجْرُ المحرَّم لأنه ابتداء السنة كلها، وقيل: فجر ذي الحجة.

ويقال: هو الصخور ينفجر منها الماء.

ويقال: أقسم به لأنَّه وقتُ عبادة الأولياء عند افتتاحهم النهار.

{ وَلَيالٍ عَشْرٍ } قيل: هي عَشْرُ ذي الحجة، ويقال: عَشْرُ المحرم؛ لأن آخرها عاشوراء. ويقال: العَشْرُ الأخيرة من رمضان.

ويقال: هي العَشْرُ التي ذكرها اللَّهُ في قصة موسى عليه السلام تمَّ به ميعاده بقوله: { وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ }.

ويقال: هو " فجرُ " قلوبِ العارفين إذا ارتقوا عن حدِّ العلم، وأسفر صُبْحُ معارفِهم، فاستغنوا عن ظلمة طلب البرهان بما تجلَّى في قلوبهم من البيان.

{ وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ }.

جاء في التفاسير: الشفعُ يومُ النَّحْرِ، والوتر يوم عَرَفَة.

ويقال: آدم كان وتراً فشُفِعَ بزوجته حواء.

وفي خبرٍ: إنها الصلوات منها وتر (كصلاة المغرب) ومنها شفع كصلاة الصُّبْح.

ويقال: الشفع الزوج من العَدَد، والوتر الفَرْدُ من العدد.

ويقال: الشفع تضادُّ أوصاف الخَلْق: كالعلم والجهل، والقدرة والعجز، والحياة والموت. والوتر انفرادُ صفاتِ الله سبحانه عمَّا يضادُّها؛ علم بلا جهلٍ، وقدرة بلا عجزٍ، وحياة بلا موتٍ.

ويقال: الشفعُ الإرادة والنية، والوتر الهِمَّة؛ لا تكتفي بالمخلوق ولا سبيل لها إلى الله - لتَقَدُّسِه عن الوَصْلِ والفَصْل.. فبقيت الهِمَّةُ غريبةً.

ويقال: الشفع الزاهد والعابد، لأن لكل منهما شكلاً وقريناً، والوترُ المريدُ فهو كما قيل:
فريدٌ من الخِـلاَّنِ فـي كـل بـلـدةٍ   إذا عَظُـمَ المطلـوبُ قَلَّ المساعـدُ