قوله جلّ ذكره: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ }. " الغاشية " المُجَلَّلَةُ، يريد بها القيامة تَغْشَى الخَلْقَ، تَغْشَى وجوهَ الكفَّار. { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً }. وجوهٌ - إذا جاءت القيامة - خاشعة أي ذليلة. عاملة ناصبة: النَّصَب التعب. جاء في التفسير: أنهم يُجَرُّون على وجوههم. { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } تلزم ناراً شديدة الحرِّ. ويقال: " عاملة " في الدنيا بالمعاصي، " ناصبة " في الآخرة بالعذاب. ويقال: " ناصبة " في الدنيا " عاملة " لكن من غير إخلاص كعمل الرهبان، وفي معناه عملُ أهل النفاق. { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ }. تناهى حَرُّها. { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }. نَبْتٌ ينمو بالحجاز له شَوْكٌ، وهو سمٌّ لا تأكله الدواب، فإذا أكلوا ذلك في النار يُغَصُّون، فَيُسْقَوْنَ الزقُّوم. وإن اتصافَ الأبدانِ - اليومَ - بصورة الطاعات مع فَقْدِ الأرواح وجدانَ المكاشفات (وفقدِ) الأسرارِ أنوارَ المشاهدات، (وفقدِ) القلبِ الإخلاصَ والصدق في الاعتقادات لا يجدي خيراً، ولا ينفع شيئاً - وإنما هي كما قال: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }.