قوله جلّ ذكره: { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ }. والذِّكرى تنفع لا محالة، ولكنْ لِمَنْ وَفَّقَه اللَّهُ للاتعاظِ بها، أمَّا مَنْ كان المعلومُ من حاله الكفرَ والإعراضَ فهو كما قيل:
وما انتافعُ أخي الدنيـا بِمُقْلَتـهِ
إذا استوَتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ
{ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ }. الذي يخشى الله ويخشى عقوبته. { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا }. أي يتجنَّبُ الذِّكْرَ الأشَقى الذي يَصْلَى النارَ الكبرى، ثم لا يموت فيها موتاً يريحه، ولا يحيا حياةً تَلَذُّ له. قوله جلّ ذكره: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ }. مَنْ تَطَهَّرَ من الذنوبِ والعيوبِ، ومشاهدة الخَلْقِ وأدَّى الزكاة - وَجَدَ النجاة، والظَّفَرَ بالْبُغْيَة، والفَوزَ بالطِّلبة. { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }. ذَكَرَ اسمَ ربِّه في صلاته. ويقال: ذَكَره بالوحدانية وصَلَّى له. { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا }. تميلون إليها؛ فتُقَدِّمون حظوظكم منها على حقوق الله تعالى. { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }. والآخرة للمؤمنين خيرٌ وأبقَى - من الدنيا - لطُلاّبها. قوله جلّ ذكره: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }. إن هذا الوعظَ لفي الصحف المتقدمة، وكذلك في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما؛ لأنَّ التوحيدَ، والوعدَ والوعيدَ... لا تختلف باختلاف الشرائع.