الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

ذَكَرَ صفةَ المهاجرين مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفتهم أنهم آمنوا ثم هاجروا مع الرسول صلوات الله عليه وسلامه، ثم { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } هؤلاء هم المهاجرون.

أما الذين آووا فهم الأنصار؛ آووا الرسول - عليه السلام - والمؤمنين.

فهذان الفريقان بعضهم أولياء بعض في النصرة والدين.

وأما الذين آمنوا ولكن لم يهاجروا فليست لهم هذه الموالاة إلى أن يهاجروا، وإنْ استعانوا بكم فعليكم نصرهم.

{ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ } وهم المُعاهِدون معكم.

وكمالُ الهجرةِ مفارقَةُ الأخلاق الذميمة، وهجران النَّفْس في تَرْكِ إجابتها إلى ما تدعو إليه من شهواتها. ومن ذلك هجران إخوان السوء، والتباعد عن الأوطان التي باشر العبدُ فيها الزَّلة، ثم الهجرة من أوطان الحظوظ إلى أوطان رضاء الحق.

وأما قوله { وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } فهم الذين يؤثرون إخوانَهم على أَنْفُسِهم ولو كان بهم خصاصة، عَوَامُّ هؤلاء في الأمور الدنيوية، وخواصُّهم في الكرائم في الآخرة، وخاصُّ الخاصِّ في كل ما يصحُّ به الإثبات من سنِّي الأحوال إلى ما لا يدرك الوهم.