الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

قوله جلّ ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ }.

المؤمن لا يزداد بنفسه ضعفاً إلاَّ ازداد بقلبه قوةً، لأن الاستقلال بقوة النَّفس نتيجةُ الغفلة، وقوةُ القلب بالله - سبحانه - على الحقيقة.

قوله جلّ ذكره: { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }.

هذا لهم، فأمَّا النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو بتوحيده كان مُؤمِّلاً بأَنْ يَثْبُتَ لجميع الكفار لكمال قوَّته بالله تعالى، قال عليه السلام: " بِكَ أصول " ، وفي تحريضه للمؤمنين على القتال كانت لهم قوة، وبأمر الله كانت لهم قوة؛ فقوة الصحابة كانت بالنبي - عليه الصلاة والسلام، وتحريضه إياهم وقوتهم بذلك كانت بالله وبأمره إياه... وشتَّان ما هما‍!

قوله: { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً }: والضَّعْفُ الذي علم فيهم كان ضَعْفَ الأشباح فخفَّفَ عنهم، أما القلوبُ فلم يتداخلها الضعف فحُمِلَ من ممارسة القتال بالعذر المذكور في الكتاب.

والعوام يحملون المشاقَّ بنفوسهم وجسومهم، والخواص بقلوبهم وهممهم، وقالوا: " والقلبُ يحْمِلُ مَا لاَ يَحْمِلُ البَدَنُ " وقال آخر:
وإنْ تَرَوْني أُعاديها فلا عَجَبٌ   على النفوسِ جناياتٌ من الهِمَم