قوله جلّ ذكره: { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ }. نَفَى العذابَ عنهم في آية، وأَثْبَتَه في آية، فالمنفيُّ في الدنيا والمثْبَتُ في الآخرة. ثم بيَّنَ إيصالَ العذاب إليهم في الآخرة بقوله تعالى: { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } دليل الخطاب أن إعانة المسلمين على ما فيه قيام بحق الدين يوجب استحقاق القربة والثواب. وفي الآية دليلٌ على أنه لا يعذِّب أولياءه بقوله: { وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ } فإذا عذَّبَ مَنْ يكونوا أولياءَه دلَّ على أنه يعذِّب من كان من جملة أوليائه. والمؤمنون كلُّهم أولياءُ الله لأنه قال:{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [البقرة: 257]. والمؤمِنَ - وإنْ عذِّب بمقدار جُرْمِه زماناً فإنه لا يُخَلَّد في دار العقوبة، فما يُقاسون بالإضافة إلى تأبيد الخَلاصِ جَلَلٌ، وقيل:
إذا سَلِمَ العهدُ الذي كان بيننا
فوُدِّي وإنْ شطَّ المزار سليمُ
قوله جلّ ذكره: { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }. وليس أولياؤه إلا المتقون، وهم الذين اتقوا الشِّرك.