الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

ذكره عظيم مِنَّتِه عليه حيث خَلَّصَه من أعدائه حين خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة، وهمَّوا بقتله، وحاولوا أن يمكروا به في السِّر، فأعلمه الله ذلك.

والمكرُ إظهارُ الإحسانِ مع قَصْدِ الإساءةِ في السِّر، والمكرُ من الله الجزاءُ على المكر، ويكون المكرُ بهم أَنْ يُلْقِيَ في قلوبهم أنه مُحْسِنٌ إليهم ثم - في التحقيق - يُعذِّبهم، وإذا شَغَلَ قوماً بالدنيا صَرَفَ همومَهم إليها حتى يَنْسَوْا أمر الآخرة، وذلك مكرٌ بهم، إذ يُوظِّنُون نفوسهم عليها، فيتيح لهم من مأمنهِم سوءاً، ويأخذهم بغتةً.

ومن جملة مكره اغترارُ قومٍ بما يرزقهم من الصيت الجميل بين الناس، وإجراءِ كثير من الطعات عليهم، فأسرارهم تكون بالأغيار منوطةً، وهم عن الله غافلون، وعند الناس أنهم مُكْرَمُون، وفي معناه قيل:
وقد حسدوني في قرب داري منكم   وكم من قريب الدار وهو بعيد