الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ }

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } الذين لا يستوي ظاهرُهم وباطنهم في التصديق.

وهكذا كان المتقدمون من أهل الزَّلَّة والفَترة في الطريقة، والخيانة في أحكام المحبة فعُذِّبوا بالحرمان في عاجلهم، ولم يذوقوا من المعاني شيئاً.

قوله جلّ ذكره: { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ }.

أي: حقير. وإذ قد علمتم ذلك فلِمَ لم تقيسوا أمر البعث عليه؟

ويقال: ذَكَّرَهم أصلَ خلقتم لئلا يُعْجَبوا بأحوالهم؛ فإنه لا جِنْسَ من المخلوقين والمخلوقاتِ أشدَّ دعوى من بني آدم. فمن الواجب أَنْ يَتَفَكَّرَ الإنسان في أَصلِه... كان نطفةً وفي انتهائه يكون جيفة، وفي وسائط حالِه كنيفٌ في قميص!! فبالحريِّ ألاَّ يُدِلَّ ولا يفتخر:
كيـف يـزهو مَنْ رجيعـهُ   أَبَـدَ الـدهرِ ضجيعُه
فهـو منـه وإليـه   وأَخـوه ورضـيـعُـه
وهـو يـدعوه إلى الحُـ   ـشِّ بصغـر فيطيعـه؟!!
ويقال: يُذكِّرهم أصلَهم.. كيف كان كذلك... ومع ذلك فقد نقلهم إلى أحسن صورة، قال تعالى:وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } [التغابن: 3]، والذي يفعل ذلك قادِرٌ على أن يُرقِّيَكَ من الأحوال الخسيسة إلى تلك المنازل الشريفة.