الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله جلّ ذكره: { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا }.

لو ساعدته المشيئة بالسعادة الأزلية لم تَلْحَقْه الشقاوةُ الأبدية، ولكن من قصمته السوابق لم تنعشه اللواحق.

قوله جلّ ذكره: { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ }.

إذا كانت مساكنةُ آدم للجَنَّةِ وَطمعُه في الخلود فيها أوجبا خروجَه عنها، فالركونُ إلى الدنيا - متى يوجِب البقاءَ فيها؟.

قوله جلّ ذكره: { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ }.

موافقة الهوى تُنْزِلُ صاحبَها من سماءِ العِزِّ إلى تراب الذُّل، وتلقيه في وهدة الهوان؛ ومن لم يُصَدِّقِ عِلْماً فعن قريبٍ يقاسيه وجوداً.

قوله جلّ ذكره: { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ }.

من أخلاق الكلب التعرُّضُ لِمَنْ لم يُخِفْه على جهة الابتداء، ثم الرضاء عنه بلقمة.. كذلك الذي ارتدَّ عن طريق الإرادة يصير ضيق الصدر، سيئ الخُلُق، يبدأ بالجفاء كُلَّ بريءٍ، ثم يهدأ طياشة بِنَيْل كُلِّ عَرَضٍ خسيس.

قوله جلّ ذكره: { إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }.

المحجوب عن الحقيقة عنده الإساءةُ والإحسانُ (سيان)، فهو في الحالين: إمَّا صاحب ضَجَر أو صاحب بَطَر، لا يحمل المحنة إلا زوال الدولة، ولا يقابل النعمة إلا بالنهمة، فهو في الحالين محجوبٌ عن الحقيقة.

ويقال الكلب نجاسته أصلية، وخساسته كلية، كذلك المردوده في الصفة؛ له نقصان القيمة وحرمان القسمة.