الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ } * { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } * { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ }

قوله جلّ ذكره: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }.

{ عَن سَاقٍ }: أي عن شِدَّةٍ يومَ القيامة.

ويقال في التفسير عن ساقِ العرش.

يُؤْمَرون بالسجود؛ فأمَّا المؤمنون فيسجدون، وأمَّا الكفار فتُشَدُّ أصلابُهم فلا تنحني.

وقيل: يكشف المريضُ عن ساقه - وقت التوفِّي - ليُبْصِرَ ضعفَه - ويقول المؤذَّنُ: حيِّ على الصلاة - فلا يستطيع.

وعلى الجملة فقد خَوَّفَهم بهذه القالة: إمَّا عند انتهائهم في الدنيا أو ابتدائهم في الآخرة.

{... وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ }.

يذكرهم بذلك ليزدادوا حسرةً، ولتكونَ الحجةُ عليهم أبلغَ.

قوله جلّ ذكره: { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }. سنُقَرِّبُهم من العقوبة بحيث لا يشعرون.

والاستدراجُ: أَنْ يريد الشيءَ ويَطْوِي عن صاحبه وَجْهُ القَصْدِ فيه، ويُدْرِجُه إليه شيئاً بعد شيء، حتى يأخذه بغتةً.

ويقال: الاستدراج: التمكين من النِّعم مقروناً بنسيان الشكر.

ويقال: الاستدراجُ: أنهم كلما ازدادوا معصيةً زادهم نعمةً.

ويقال: أَلاَّ يُعاقِبَه في حالِ الزَّلَّة، وإنما يؤخِّر العقوبَة إِلى ما بعدها..

ويقال: هو الاشتغال بالنعمة مع نسيان المنعم.

ويقال: الاغترارُ بطول الإمهال.

ويقال: ظاهرٌ مغبوط وباطنٌ مُشَوَّش.

قوله جلّ ذكره: { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }.

أُمْهِلُهم... ثم إِذا أَخَذْتُهم فأخْذِي أَليمٌ شديدٌ.

قوله جلّ ذكره: { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ }.

أي: ليس عليهم كُلْفة مقابلَ ما تدعوهم إليه، وليست عليهم غرامة إِنْ هم اتبعوك... فأنت لا تسأل أجراً... فما موجِباتُ التأخُّرِ وتركُ الاستجابة؟

{ أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ }؟.

أم عندهم شيءٌ من الغيب انفردوا به وأوجب لهم ألا يستجيبوا؟.