الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ }

يعني أنهم لما أَظَلَّهُم البلاء، فلو رجعوا بجميل التضرع وحسن الابتهال والتملق لكشفنا عنهم المحن، ولأتحنا لهم المنن، ولكن صدَّهم الخذلان عن العقبى فأصروا على تمردهم، فَقَسَتْ قلوبُهم وتضاعفت أسباب شقوتهم.

قوله تعالى: { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } يخبر عن خَفِيَ مكره بهم، وكيف أنه استدرجهم، ثم أذاقهم وبالَ أمرهم فقال: لما طالتْ عن الحضرة غيبتُهم، ولم تنجحْ مواعظُنا فيهم سَهَّلْنَا لهم أسبابَ العوافي وصببنا عليهم عزالي النِّعم، وفتحنا لهم أبواب الرفاهية، فلما استمكن الرجاءُ من قلوبهم أخذناهم بغتةً وعذبنَاهم فجأة، وأذقناهم حسرةً فإذا هم من الرحمة قانطون، ولِمَا خامر قلوبَهم - من أسباب الوحشة عن الاستراحة بدوام المناجاة - آيسون.