قوله جلّ ذكره: { فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ }. أي أنهم يعلمون أَنَّكَ ليست بك كَهَانةٌ ولا جُنونٌ، وإنما قالوا ذلك على جهة التسفيه؛ فالسّفيهُ يبسط لسانُه فيمن يَسُبُّه بما يعلم أنه منه بريء. { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ }. نتربص به حوادث الأيام؛ فإنّ مِثْل هذا لا يدوم، وسيموت كما مات مِنْ قبْله كُهّانٌ وشعراء. ويقال: قالوا: إنَّ أباه مات شابّاً، ورَجَوْا أَنْ يموت كما مات أبوه، فقال تعالى: { قُلْ تَرَبَّصُواْ... } فإننا منتظرون، وجاء في التفسير أَنّ جميعَهم ماتوا. فلا ينبغي لأحدٍ أن يُؤمِّلَ موتَ أحدٍ. فَقَلّ مَن تكون هذه صَنعتُه إلاّ سَبَقَتْه المَنيَّةُ - دون أَنْ يُدْرِكَ ما يتمنّاه مِنْ الأمنيّة. قوله جلّ ذكره: { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ }. أتأمرهم عقولهم بهذا؟ أَم تحملهم مجَاوزة الحدّ في ضلالهم وطغيانهم عَلَى هذا؟ قوله جلّ ذكره: { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ }. إذا كانوا يزعمون أنك تقول هذا القول من ذاتِ نَفْسك فليأتوا بحديثٍ مثلِه إنْ كانوا صادقين فيما رَمَوْك به!