الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

قوله جلّ ذكره: { إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ }.

يخبر أنه استحفظ بني إسرائيل التوراة فحرَّفوها، فلما وَكلَ إليهم حفظها ضيَّعوها.

وأمَّا هذه الأمة فخصَّهم بالقرآن، وتولَّى - سبحانه - حفظه عليهم فقال:إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] فلا جَرَمَ لو غيَّرَ واحدٌ حركة أو سكوناً من القرآن لنادي الصبيان بتخطيئه.

قوله جلّ ذكره: { فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ }.

إنَّ الخلْقَ تجري عليهم أحكامُ القدرة وأقسام التصريف؛ فالخشية منهم فرعٌ من المحال، فإنَّ من ليس له شظية من الإيجاد فأنَّى تصحُّ منه الخشية؟!

قوله جلّ ذكره: { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ }.

لا تأخذوا على جحدِ أوليائي والركونِ إلى ما فيه رضاءُ أعدائي عِوَضاً يسيراً فتبقوا بذلك عنِّي، ولا يُبَارَكُ لكم فيما تأخذون من العوض.

{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ... } فمن اتخذ بغيره حكماً، ولم يجد - تحت جريان حكمه - رضى واستسلاماً ففي شِرْكٍ خَامَرَ قلبَه، وكفرٍ قَارَنَ سِرَّه. وهيهات أن يكون على سَوَاء!