قوله جلّ ذكره: { إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ }. يخبر أنه استحفظ بني إسرائيل التوراة فحرَّفوها، فلما وَكلَ إليهم حفظها ضيَّعوها. وأمَّا هذه الأمة فخصَّهم بالقرآن، وتولَّى - سبحانه - حفظه عليهم فقال:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] فلا جَرَمَ لو غيَّرَ واحدٌ حركة أو سكوناً من القرآن لنادي الصبيان بتخطيئه. قوله جلّ ذكره: { فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ }. إنَّ الخلْقَ تجري عليهم أحكامُ القدرة وأقسام التصريف؛ فالخشية منهم فرعٌ من المحال، فإنَّ من ليس له شظية من الإيجاد فأنَّى تصحُّ منه الخشية؟! قوله جلّ ذكره: { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ }. لا تأخذوا على جحدِ أوليائي والركونِ إلى ما فيه رضاءُ أعدائي عِوَضاً يسيراً فتبقوا بذلك عنِّي، ولا يُبَارَكُ لكم فيما تأخذون من العوض. { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ... } فمن اتخذ بغيره حكماً، ولم يجد - تحت جريان حكمه - رضى واستسلاماً ففي شِرْكٍ خَامَرَ قلبَه، وكفرٍ قَارَنَ سِرَّه. وهيهات أن يكون على سَوَاء!