قوله جلّ ذكره: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ }. كان الأمر لبني إسرائيل - على لسان نَبِيِّهم - بأن يتذكروا نعمة الله عليهم، وكان الأمر لهذه الأمة - بخطاب الله لا على لسان مخلوق - بأن يذكروه فقال:{ فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152] وشتان بين من أمره بذكره - سبحانه - وبين من أمره بذكر نعمته! ثم جعل جزاءَهم ثوابَه الذي هو فضله، وجعل جزاء هذه الأمة خطابه الذي هو قوله تعالى:{ فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152]. قوله جلّ ذكره: { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً }. المَلِكُ مِنَ المخلوقين مَنْ عَبَدَ المَلِكَ الحقيقي. ويقال المَلِكُ مَنْ مَلَكَ هواه، والعبد من هو في رِقِّ شهواته. ويقال { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً }: لم يخرجكم إلى أمثالكم، ولم يحجبكم عن نفسه بأشغالهم، وسَهَّلَ إليه سبيلَكم في عموم أحوالِكم. قوله جلّ ذكره: { وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ }. لئن آتي بني إسرائيل بمقتضى جوده فقد أغنى عن الإيتاء هذه الأمة فاستقلوا بوجوده، والاستقلال بوجوده أتمَّ من الاستغناء بمقتضى جوده.