جعل اللَّهُ في كلِّ شيءٍ من المخلوقات دلالةً على توحُّدِه في جلاله، وتفرُّدِه بنعت كبريائه وجماله. { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ }: والإشارة منها أَنَّ الحقَّ - سبحانه - يغار على أوليائه أن يَسْكَنَ بعضُهم بقلبه إلى بعضٍ؛ فأبداً يُبَدِّدُ شمْلَهم، ولا تكاد الجماعةُ من أهل القلوب تتفق في موضعٍ واحد إلا نادراً، وذلك لمدةٍ يسيرة.. كما قالوا:
رمى الدهرُ بالفتيان حتى كأنَّهم
بأكنافِ أطرافِ السماءِ نجومُ
وفي بعض الأحايين قد يتفضَّل الحقُّ عليهم فتدنو بهم الديار، ويحصل بينهم - في الظاهر - اجتماعٌ والتقاءٌ، فيكون في ذلك الوقت قد نظر الحقُّ - سبحانه - بفضله إلى أنَّ في اجتماعهم بركاتٍ لحياة العالَم. وهذا - وإن كان نادراً - فإنه على جَمْعِهم - إذا يشاء - قدير.