الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَٱعْتَصَمُواْ بِٱللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً }

لم يشترط كل هذه الشرائط في رجوع أحدٍ عن جُرْمِه ما اشترط في رجوع المنافقين عن نفاقهم لصعوبة حالهم في كفرهم. وبعد تحصيلهم هذه الشروط قال لهم: { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ولم يقل من المؤمنين، وفي هذا إشارة أيضاً إلى نقصان رتبتهم وإن تداركوا بإخلاصهم ما سبق من آفتهم، وفي معناه أنشدوا:
والعُذر مبسوطٌ ولكنما   شتان بين العذر والشكر
ويقال إن حرف (مع) للمصاحبة، فإذا كانوا مع المؤمنين استوجبوا ما يستوجب جماعة المؤمنين، فالتوبة هاهنا أي رجعوا عن نفاقهم، وأصلحوا - بصدقهم في إيمانهم، واعتصموا بالله بالتبرؤ من حولهم وقوتهم، وشاهدوا المِنَّة لله عليهم حيث هداهم، وعن نفاقهم نجَّاهم.

قوله: { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ }: ونجاتهم بفضل ربهم لا بإيمانهم في الحال، ورجوعهم عن نفاقهم فيما مضى عليهم من الأحوال.

ويقال أخلصوا دينهم لله وهو دوام الاستعانة بالله في أن يثبتهم على الإيمان، ويعصمهم عن الرجوع إلى ما كانوا عليه من النفاق.

ويُقال: تابوا عن النفاق، وأصلحوا بالإخلاص في الاعتقاد، واعتصموا بالله باستدعاء التوفيق وأخلصوا دينهم لله في أن نجاتهم بفضل الله ولطفه لا بإتيانهم بهذه الأشياء - في التحقيق.