الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } * { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } * { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً }

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ }: إثبات الغير في توهم ذرة من الإبداع عين الشِرْك، فلا للعفو فيه مساغ. وما دون الشرك فللعفو فيه مساغ، ومن توسَّل إليه سبحانه بما توهَّم من نفسه فقد أشرك من حيث لم يعلم. كلاّ، بل هو الله الواحد.

قوله: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً }: أوقعوا على الجماداتِ تسمياتٍ، وانخرطوا في سلك التوهم، وركنوا إلى مغاليط الحسبان، فَضَلُّوا عن الحقيقة.

{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } ، أي ما يدعون إلا إبليس الذي أبعده الحقُّ عن رحمته، وأسحقه بِبُعده، وما إبليس غلا مُقَلَّبٌ في القبضة على ما يريده المنشئ، ولو كان به ذرة من الإثبات لكان به شريكاً في الإلهية. كلاَّ، إنما يُجرِي الحقُّ - سبحانه - على الخلْقِ أحوالاً، ويخلق عقيب وساوسه للخلق ضلالاً، فهو الهادي والمُضِل، وهو - سبحانه - المُصَرِّفُ للكل، فيخلق (....) في قلوبهم عُقَيْبَ وساوسه إليهم طول الآمال، ويُحَسِّن في أعينهم قبيح الأعمال، ثم لا يجعل لأمانيِّهم تحقيقاً، ولا يعقب لما أمَّلُوه تصديقاً، فهو تعالى مُوجِد تلك الآثار جملةً، ويضيفها إلى الشيطان مرةً، وإلى الكافر مرة، وهذا معنى قوله: { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ }... الآية ومعنى قوله تعالى: { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ }.