الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

التسمية " بيا عبادي " مَدْحٌ، والوصفُ بأنهم " أسرفوا " ذَمٌ. فلمَّا قال: { يٰعِبَادِيَ } طمع المطيعون في أن يكونوا هم المقصودين بالآية، فرفعوا رؤوسَهم، ونكَّسَ العُصَاةُ رؤوسَهم وقالوا: مَنْ نحن... حتى يقول لنا هذا؟!

فقال تعالى: { ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ } فانقلب الحالُ؛ فهؤلاء الذين نكَّسوا رؤوسهم انتعشوا وزالت ذِلَّتُهُم، والذين رفعوا رؤوسَهم أطرقوا وزالت صَوْلَتُهم.

ثم أزال الأُعجوبةَ عن القسمة بما قَوي رجاءَهم بقوله: { عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } يعني إنْ أَسْرَفْتَ فعلى نَفْسِكَ أسرفت.

{ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ }: بعد ما قطعْتَ اختلافَك إلى بابنا فلا ترفَعْ قلبك عَنَّا.

{ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } الألف واللام في " الذنوب " للاستغراق والعموم، والذنوب جمع ذنب، وجاءت " جميعاً " للتأكيد؛ فكأنه قال: أَغْفِرُ ولا أترك، وأعفوا ولا أُبْقِي.

ويقال إنْ كانت لكم جِناية كثيرة عميمة فلي بشأنكم عناية قديمة.