قوله جلّ ذكره: { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }. اشمأزَّت قلوبُ الذين جحدوا ولم تسكن نفوسُهم إلى التوحيد، وإذا ذُكِرَ الذين مِنْ دونه استأنسوا إلى سماعه:- { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ عَالِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }. عَلَّمَه - صلى الله عليه وسلم - كيف يثني عليه - سبحانه. وتشتمل الآيةُ على الإشارة إلى بيان ما ينبغي من التنَصُّل والتذلُّلِ، وابتغاءِ العَفْو والتفضُّلِ، وتحقيق الألتجاء بِحُسْنِ التوكل. ثم أخبر عن أحوالهم في الآخرة فقال: { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوۤءِ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }. لافتدوا به.. ولكن لا يُقْبَلُ منهم، واليومَ لو تصدَّقوا بمثقال ذرة لَقُبْلَ منهم. كما أنهم لو بَكَوْا في الآخرة بالدماء لا يُرْحَمُ بكاؤهم، ولكنهم بدمعة واحدةٍ - اليومَ - يُمْحَى الكثيرُ من دواوينهم. قوله جلّ ذكره: { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ }. في سماع هذه الآية حَسَراتٌ لأصحاب الانتباه. وفي بعض الأخبار أن قوماً من المسلمين من أصحاب الذنوب يُؤْمَرُ بهم إلى النار فإذا وافوها يقول لهم مالِكٌ: مَنْ أنتم؟ إن الذين جاؤوا قَبْلَكُمْ من أهل النار وجوهُهم كانت مُسْوَدَّةً، وعيونُهم كانت مُزْرَقَّة... وأنتم لستم بتلك الصفة، فيقولون: ونحن لم نتوقع أن نلقاك، وإنما انتظرنا شيئاً آخر! قال تعالى: { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ }.