الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ }

قوله جلّ ذكره: { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ }.

الدين الخالص ما تكون جملته لله؛ فما للعبد فيه نصيب فهو من الإخلاص بعيد، اللهم أن يكون بأمره؛ إذا أَمَرَ العبدَ أن يحتسب الأجرَ على طاعته فإطاعته لا تخرجه عن الإخلاص باحتسابه ما أمره به، ولولا هذا لَمَا صحَّ أَنْ يكونَ في العَالَم مُخْلِصٌ.

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ... } أي الذين عبدوا الاصنام قالوا: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } ، ولم يقولوا هذا من قِبَلِ الله ولا بأمره ولا بإذنه، وإنما حكموا بذلك من ذات أنفسهم، فَرَدَّ اللَّهُ عليهم. وفي هذا إشارة إلى أن ما يفعله العبد من القُرَبِ بنشاطِ نَفْسِه من غير أن يقتضيه حُكْمُ الوقت، وما يعقد بينه وبين الله مِنْ عقودٍ ثم لا يَفِي بها.. فكل ذلك اتباعُ هوًى، قال تعالى:وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } [الحديد: 27].

قوله جلّ ذكره: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ }.

لا تَهديهم اليومَ لدينه، ولا في الآخرة إلى ثوابه. والإشارة فيه إلى تهديد مَنْ يتعرَّض لغير مقامه، ويدَّعي شيئاً ليس بصادقٍ فيه، فاللَّهُ لا يهديه قط إلا ما فيه سَدادُه ورُشْدُه. وعقوبتُه أَنْ يَحْرِمَه ذلك الشيءَ الذي تصدَّى له بدعواه قبل تَحققِه بوجوده وذَوْقِه.