الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

أخبر أنه يُنْزِلُ من السماءِ المطرَ فيُخْرِجُ به الزرعَ فيخضرّ، ثم يأخذ في الجفاف، ثم يصير هشيماً...والإشارةُ من هذا إلى الإنسان، يكون طفلاً ثم شاباً ثم كهلاً ثم شيخاً ثم يصير إلى أرذل العمر ثم في آخره يخترم.

ويقال إن الزَّرْعَ ما لم يأخذْ في الجفاف لا يُؤْخَذُ منه الحَبُّ، فالحبُّ هو المقصود منه. كذلك الإنسان ما لم يحصلْ من نَفْسه وصولٌ لا يكون له قَدْرٌ ولا قيمةٌ.

ويقال إن كَوْنَ المؤمنِ بقوة عقله يوجِبُ استفادةً له بعلمه إلى أَنْ يبدوَ منه كمالٌ يُمكِّنُ من أنوار بصيرته، ثم إذا بدت لائحةٌ من سلطان المعارف تصير تلك الأنوار مغمورة. فإذا بَدَتْ أنوارُ التوحيد استهلكت تلك الجملة، قالوا:
فلـمَّا استبـان الصبـحُ أدرج ضـوءُه   بأَنـواره أنـوارَ تـلك الكـواكـب