الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ ثُمَّ } حرقٌ يقتضي التراخي؛ وفي ذلك إشارة إلى أنه ليس من ضرورة خَلْقِه إياك أن يرزقك؛ كنتَ في ضعف أحوالك ابتداءَ ما خَلَقَكَ، فأثبتك وأحياك من غير حاجةٍ لك إلى رزقٍ؛ فإلى أن خرجتَ من بَطْنِ أُمّك: إمَّا أن كان يُغْنِيكَ عن الرزق وأنت جنينٌ في بطن الأم ولم يكن لك أكلٌ ولا شُرْبٌ، وإمَّا أن كان يعطيك ما يكفيك من الرزق - إنْ حَقَّ ما قالوا: إن الجنينَ يتَغَذَّى بدم الطمث. وإذا أخرجك من بطن أمك رَزَقَكَ على الوجه المعهود فى الوقت المعلوم، فَيَسَّرَ لكَ أسبابَ الأكل والشرب من لَبنِ الأم، ثم من فنون الطعام، ثم أرزاق القلوب والسرائر من الإيمان والعرفان وأرزاق التوفيق من الطاعات والعبادات، وأرزاق للسان من الأذكار وغير ذلك مما جرى ذكره.

{ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } بسقوط شهواتكم، ويميتكم عن شواهدكم.

{ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } بحياة قلوبكم ثم يحييكم بربِّكم.

ويقال: من الأرزاق ما هو وجود الأرفاق ومنها ما هو شهود الرزاق.

ويقال: لا مُكْنَةَ لك في تبديل خَلْقِكَ، وكذلك لا قدرةَ لَكَ على تَعَسُّر رزقِك، فالمُوَسَّعُ عليه رزقُه - بِفَضْلِه سبحانه.. لا بمناقِب نَفْسِه، والمُقَتّرُ عليه رزقُه بحُكْمِه سبحانه.. لا بمعايب نَفْسِه.

{ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ }؛ هل من شركائكم الذين أثبتموهم أي من الأصنام أو توهمتموهمٌّ من جملة الأنام.. مَنْ يفعل شيئاً من ذلك؟ { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ } تنزيهاً له وتقديساً.