الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

يختص من يشاء بفنون إنعامه، فالرحمة على هذا سبب لتخصيص النعمة لمن أراده. ولا بُدَّ من إضمار فيحتمل أن يختص بالرحمة من يشاء فلا تجري الرحمة مجرى السبب فالرحمة على هذا التأويل تكون بمعنى النبوة وتكون بمعنى الولاية.

وبمعنى العصمة وجميع أقسام الخيرات التي يختصُّ - بشيء منها - عبداً من عباده، فيدخل تحت قوله: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ } أي بنعمته.

فقومٌ اختصهم بنعمة الأخلاق وقوم اختصهم بنعمة الأرزاق، وقوم اختصهم بنعمة العبادة وآخرين بنعمة الإرادة، وآخرين بتوفيق الظواهر وآخرين بعطاء الأبشار، وآخرين بلقاء الأسرار، قال تعالى:وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [إبراهيم: 34].

ويقال لمَّا سمعوا قوله: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } ، علموا أن الوسائل ليست بهادية، وإنما الأمر بالابتداء والمشيئة.

ويقال: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } بالفهم عنه فيما يكاشفه به من الأسرار ويلقيه إليه من فنون التعريفات.