الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

تولج الليل في النهار حتى يَغْلِبَ سلطانُ ضياءِ التوحيد فلا يَبْقَى من آثار النفس وظلماتها شيءٌ، وتولج النهار في الليل حتى كأن شموسَ القلوب كُسِفَت، أو كأن الليل دام، وكأن الصبح فُقِد.

وتخرج الحي من الميت حتى كأن الفترة لم تكن، وعهد الوصال رجع فَتيَّاً، وعُودُ القلوبِ صار غضّاً طريَّاً.

وتخرج الميت من الحي حتى كأن شجرة البرم أورقت شوكاً وأزهرت شوكاً، وكأن اليائس لم يجد خيراً، ولم يشم ريحاً، وتقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة.

{ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.

حتى لا (كدر) ولا جُهْدَ ولا عَرَقَ جبينٍ، ولا تَعَبَ يمينٍ، لَيْلَهُ روحْ وراحة، ونهارُه طرب وبهجة، وساعاته كرامات، ولحظاته قُرُبات، وأجناس أفعاله على التفصيل لا يحصرها لسان، ولا يأتي على استقصاء كنهها عبارة ولا بيان.

وفيما لوَّحنا من ذلك تنبيه على طريق كيفية الإفصاح عنه.

ويقال لما قال: { وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ } انكسر خُمَارُ كلِّ ظانٍّ أنه مَلِكٌ لأنه شاهد مُلكِهِ يعرض للزوال فَعَلِمَ أن التذلل إليه في استبقاء ملكه أولى من الإعجاب والإدلال.

ويقال المَلِكُ في الحقيقة - مَنْ لا يشغله شيء بالالتفات إليه عن شهود من هو المَلِكُ على الحقيقة.