إن الرسل موقوفون حيثما وُقِفُوا، ومخبرون عمَّا عُرِّفوا بمقدار ما عَرفُوا؛ فإذا أُيِّدُوا بأنوار البصائر اطَّلعوا على مكنونات السرائر بلطائف التلويح بمقدار ما أُعْطُوا من الإشراق بوظائف البلوغ. { أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } لما تُوُفّي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - سقمت البصائر إلا بصيرة الصديق رضي الله عنه فأمَدَّه الله بقوة السكينة، وأفرغ عليه قوة التولي فقال: " من كان يعبد محمداً فإنَّ محمداً قد مات " فصار الكُلُّ مقهورين تحت سلطان قالته لِمَا انبسط عليهم من نور حالته، كالشمس بطلوعها تندرج في شعاعها أنوارُ الكواكب فيستتر فيها مقادير مطارح شعاع كل نجم. وإنما قال: { أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ } لأنه صلى الله عليه وسلم مات. وقيل أيضاً لأنه قال: " ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري ".