الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

هم - اليومَ - في غُرَفِ معارفهم على أَسِرَّةِ وَصْلِهم، مُتَوَّجُون بتيجان سيادتهم، يُسْقَوْن كاساتٍ الوَجْدِ، ويَجْبُرُون في جِنانِ القُرْب، وعداً كما قال:-

{ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }.

والصبرُ الوقوفُ مع الله بشرط سقوط الفكرة.

الصبرُ العكوفُ في أوطان الوفاء، الصبر حَبْسُ النَّفْسِ على فِطامها.

الصبر تجرُّعُ كاساتِ التقدير من غير تعبيس.

الصبر صفة توجب معيَّةَ الحقِّ... وأَعْزِزْ بها!

وأولُ الصبرِ تصبُّرٌ بتكلفٍ، ثم صبرٌ بسهولة، ثم اصطبارٌ وهو ممزوج بالراحة، ثم تحقُّقٌ بوصف الرضا؛ فيصير العبدُ فيه محمولاً بعد أن كان مُتَحَمّلاً.

والتوكلُ انتظارٌ مع استبشار، والتوكلُ سكونُ السِّرِّ إلى الله، التوكلُ استقلالٌ بحقيقة التوكل؛ فلا تتبرَّم في الخلوة بانقطاع الأغيار عنك. التوكل إعراضُ القلب عن غير الربِّ.