الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } * { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

قوله جل ذكره: { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ }.

جاء في القصة أنها بعثت إلى سليمانَ بهدايا، ومن جملتها لَبِنَةٌ مصنوعةٌ من الفضة وأخرى من الذهب. وأن اللَّهَ أخبر سليمانَ بذلك، وأوحى إليه في معناه. وأمَرَ سليمانُ الشياطينَ حتى بَنَوْا بساحة منزله ميداناً، وأمرهم أن يفرشوا الميدان بهيئة اللَّبنِ المصنوعِ من الذهب والفضة من أوله إلى آخره. وأَمَرَ بأن توقف الدوابُّ على ذلك وألا تُنَظَّفَ آثارُها من رَوْثٍ وغيره، وأن يُتْرَكَ موضعان لِلَبِنَتَيْنِ خالِيَيْن في ممرِّ الدخول. وأقبل رُسُلُها، وكانت معهم اللبنتان ملفوفتين، فلمَّا رَأَوْا الأمر، ووقعت أبصارُهم على طريقهم، صَغُرَ في أعينهم ما كان معهم، وخَجِلوا من تقديم ذلك إلى سليمان ووقعوا في الفكرة... كيف يتخلصون مما معهم؟. فلمَّا رأوا موضع اللَّبنَتَيْن فارغا ظنُّوا أن ذلك سُرِق من بينها، فقالوا لو أظهرنا نُسِبْنا إلى أنَّا سرقناهما من هذا الموضع، فطرحاهما في الموضع الخالي، ودَخَلاَ على سليمان:

قوله جل ذكره { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ }.

أتهدونني مالاً؟ وهل مثلي يُسْتَمالُ بمثل هذه الأفعال؟ إنكم وأمثالكم تعامِلُون بمثل ما عوملتم! ارجع إليهم:-

{ ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }.

فلمَّا رجعوا إلى بلقيس، وأخبروها بما شاهدوا وسمعوا علمت أنه لا وَجْه لها سوى الاستسلام والطاعة، فَعَزَمَتْ على المسير إلى خدمته، وأوحى الله إلى سليمان بذلك، وأنها خرجت مستسلمةً، فقال: { أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا }؟.