الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً }

قوله جلّ ذكره: { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً }.

الخَلْقُ متشاكلون في أصل الخِلْقة، متماثلون في الجوهرية، متباينون في الصفة، مختلفون في الصورة؛ فنفوسُ الأعداء مطاياهم تسوقهم إلى النار، ونفوس المؤمنين مطاياهم تحملهم إلى الجنة. والخلْقُ بَشَرٌ.. ولكن ليس كلُّ بَشَرٍ كبشر؛ واحدٌ عدوٌّ لا يسعى إلا من مخالفته، ولا يعيش إلا بنصيبه وحظِّه، ولا يحتمل الرياضة ولا يرتقي عن حدِّ الوقاحة والخساسة، وواحدٌ وليٌّ لا يَفْتَرُ عن طاعته، ولا يَنْزِل عن هِمَّتِه، فهو في سماء تعززه بمعبوده.

وبينهما للناس مناهل ومشارب؛ فواحِدٌ يكون كما قال:

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً }.

يكتفي بالمنحوتِ من الخشب، والمصنوعِ من الصَّخْرِ، والمُتَّخَذِ من النحاس، وكلُّها جمادات لا تعقل ولا تسمع، ولا تضر ولاَ تنفع.

أما المؤمنُ فإنَّ من صفاته أنّه لا يلتفت إلى العرش - وإن علا، ولا ينقاد بقلبه لمخلوقٍ - وإن اتصف بمناقب لا تُحْصَى.