الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ }

يقف المؤمنُ على تعيين شعائر الله وتفصيلها بشهادة العلم جهراً، وبخواطر الإلهام سِرَّاً. وكما لا تجوز مخالفةُ شهادة الشرع لا تجوز مخالفة شهادة خواطر الحق فإِنّ خاطر الحقِّ لا يكذِبُ، وعزيزٌ مَنْ له عليه وقوف. وكما أَنّ النَّفْسَ لا تصدق فالقلب لا يكذب، وإذا خولف القلبُ عَمِيَ في المستقبل، وانقطعت عنه تعريفاتُ الحقيقة، والعبارة والشرح يتقاصران عن ذكر هذا التعيين والتفسير. ويقوي القلبُ بتحقيق المنازلة؛ فإذا خرست النفوسُ، وزالت هواجسها، فالقلوب تنِطق بما تُكاشَفُ به من الأمور.

ومنَ الفَرْقِ بين ما يكون طريقه العلم وما طريقه من الحق أن الذي طريقه العلم يعلم صاحبُه أولاً ثم يعمل مختاراً، وما كان من الحق يجري ويحصل ثم بعده يعلم مَنْ جرى عليه ذلك معناه، ولا يكون الذي يجْرِي عليه ما يُجْرَى مضطراً إلى ما يُجْرَى. وليس يمكن أن يقال إنه ليس له اختيار، بل يكون مختاراً ولكنَّ سببَه عليه مشكلٌ، والعجب من هذا أن العبارة عنه كالبعيد.