الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى }

علم موسى أنه كلام الحق - سبحانه - لَمَّا سَمِعَ فيه الترتيبَ والتنظيمَ والتركيب، فَعَلِمَ أنه خطاب الحق.

ويقال إنما عرف موسى - عليه السلام - أنه كلامُ الله بتعريفٍ خصَّه الحق - سبحانه - به من حيث الإلهام دون نوعٍ من الاستدلال.

قوله: { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ... } فإِن بِسَاطَ حضرةِ الملوكِ لا يُوطَأُ بِنَعْلٍ.

ويقال ألقِ عصاك يا موسى, واخلع نعليك، وأَقِمْ عندنا هذه الليلةَ ولا تَبْرَحْ.

ويقال الإشارة في الأمر بخلع النعلين تفريغ القلب من حديث الدارَيْن، والتجرد للحقِّ بنعت الانفراد.

ويقال: (اخلع نعليك): تَبَرَّأْ عن نَوْعَيْ أفعالك، وامْحُ عن الشهود جنْسَيْ أحوالِك من قربٍ وبُعْدٍ، ووَصْلٍ وفَصْلٍ، وارتياح واجتياح، وفناء وبقاء... وكُنْ بوصفنا؛ فإٍنما أنت بحقنا.

أَثْبَتَه في أحواله حتى كان كالمجرد عن جملته، المُصْطَلَم عن شواهده.

قوله: { إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى }: أي إنك بالوادي المقدس عن الأعلال؛ وساحاتُ الصمدية تَجِلُّ عن كل شيْن، وإيمانٍ وزَيْن؛ عن زَيْنٍ بإحسان وشَيْنٍ بعصيان؛ لأنَّ للربوبية سَطَعَاتِ عِزِّ تقهر كل شيء.