الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ }

السجود نوع من التواضع وإكبار القَدْر، ولم تتقدم من آدم عليه السلام طاعة ولا عبادة فَخَلَقه الحقُّ بيده، ورَفَعَ شأنهَ بعدما علَّمه، وحُمِلَ إلى الجنة، وأمَرَ الملائكةَ في كل سماءٍ أن يسجدوا له تكريماً له على الابتلاء، واختباراً لهم. فسجدوا بأجمعهم، وامتنع إبليسُ من بينهم، فَلَقِيَ من الهوان ما سبق له في حكم التقدير. والعَجَبُ ممن يخفى عليه أنَّ مثل هذا يجري من دون إرادة الحقِّ ومشيئته وهو عالِمٌ بأنه كذلك يجري، واعتبروا الحكمةَ في أفعاله وأحكامه، ويزعمون أنه علم ما سيكون من حال إبليس وذريته، وكثرة مخالفات أولاد آدم، وكيف أن الشيطان يوسوس لهم... ثم يقولون إن الحقَّ سبحانه أراد خلاف ما عَلِمَ، وأجرى في سلطانه ما يكرهه وهو عالِمٌ، وكان عالماً بما سيكون! ثم خلق إبليس ومكَّنه من هذه المعاصي مع إرادته ألا يكون ذلك! ويدَّعُون حُسْنَ ذلك في الفعل اعتباراً إنما هو الحكمة...فسبحان مَنْ أَعْمَى بصائِرَهم، وعَمَّى حقيقةَ التوحيد عليهم!