قوله جلّ ذكره: { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً }. فأولئك الذين تداركتهْم الرحمةُ الأزليةُ، وسيبقون في النعم السرمدية. يستنجز الحقُّ لهم عِدَاتِهِم، ويُوَصِّلُهم إلى درجاتهم، ويُحَقِّق لهم ما وعدهم. { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً }: لأن ما أُتِيتَه فقد أتاك أو ما أَتَاكَ فقد أتيته. { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً }: فإِن أسماعَهم مصونةٌ عن سماعِ الأغيارِ، لا يسمعون إلا من اللَّهِ وبالله، فإن لم يكن ذلك فلا يسمعون إلا الله. قوله جلّ ذكره: { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }. كانوا يعدون مَنْ عنده طعام البكرة والعشية مِنْ جملة المياسيرِ والأغنياءِ لكونهم فقراءَ؛ إنْ وجدوا غَداءَهم ففي الغالب يَعْدِمُونَ عشاءَهم، وإِنْ وجدوا عشاءَهم فَقَلَّما كانوا يجدون غداءَهم. ويقال في:{ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [النحل: 57]: بمقدار الغدو والعشي من الزمان في الجنة أي كالوقت. ثم إن الأرزاق تختلف في الجنة؛ فللأشباحِ رِزْقٌ من مطعومِ ومشروب، وللأرواحِ رزقٌ من سماعٍ وشهود، ولكلٍ - على قَدْرِ استحقاقه - قِسْطٌ معلوم.