الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً }

قوله جلّ ذكره: { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا }.

ما على الأرض زينة لها تُدْرَكُ بالأبصار، وممن على الأرض من هو زينة لها يُعْرَفُ بالأسرار. وإنَّ قيمةَ الأوطانِ لقُطَّانها، وزينة المساكن في سُكَّانها.

ويقال العُبَّاد بهم زينة الدنيا، وأهلُ المعرفة بهم زينة الجنة.

ويقال الأولياءُ زينةُ الأرض وهم أَمانُ مَنْ في الأرض.

ويقال إذا تلألأت أنوار التوحيد في أسرار الموحدين أشرقت جميع الآفاق بضيائهم.

قوله جلّ ذكره: { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً }.

أحسنهم عملاً أصدقهم نِيَّة، وأخلصهم طوية.

ويقال أحسنهم عملاً أكثرهم احتساباً؛ إذ لا ثوابَ لمن لا حسبة له، أعلى من هذا بل وأَوْلى من هذا فأحسنهم عملاً أشدُّهم استصغاراً لفعله، وأكثرهم استحقاراً لطاعته؛ لشدة رؤيته لتقصير فيما يعمله، ولانتقاصه أفعاله في جنب ما يستوجبه الحقُّ بحقِّ أمره.

ويقال أحسنُ أعمال المرءِ نَظَرُه إلى أعماله بعين الاستحقار والاستصغار، لقول الشاعر:
وأكبرهُ من فِعْله وأعظمُه   تصغيرُه فِعْلَه الذي فَعَله
معناه: أكبرُ مِنْ فعلِه - الذي هو عطاؤه وبَذْلُه - تقليلُه واستصغارُه لِمَا يُعْطِيه ويجود به.