الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً }

لا أحدَ أظلمُ مِمَّنْ ذُكرِّ ووُعِظَ بما لوَّح له من الآيات، وبما شاهده وعرفه من أمرٍ أُصْلِحَ أو شُغْلٍ كُفِيَ أو دعاءٍ أُجِيب له، أو سوءِ أدبٍ حصل منه، فأُدِّبَ بما يكون تنبيهاً له، أو حصلت منه طاعة وكوفئ في العاجل إمَّا بمعنى وَجَدَه في قلبه من بَسْطٍ أو حلاوةٍ أو أُنْسِ، وإما بكفاية شُغْلٍ أو إصلاح أمرٍ... ثم إذا استقبله أمرٌ نَسِيَ ما عُومل به، أو أعرض عن تَذَكُّرِه، ونَسِيَ ما قَدَّمَتْ يداه من خيره وشرِّه، فوجدَ في الوقت موجبه.. ومَنْ كانت هذه صِفَتُه جعل على قلبه ستراً وغفلة وقسوة حتى تنقطع عنه بركاتُ ما وُهِبَه.

ويقال مَنْ أظلم ممن يستقبله أمرٌ مجازاةً لما أسلفه من تَرْكِ أَرَبِه فَيَتَّهِمُ رَبَّه، ويشكو مِما يلاقيه، وَيْنسَى حُرْمة الذي بسببه أصابه ما أصابه؟ وكما قيل:
وعاجزُ الرأيِ مِضياعٌ لِفُرصته   حتى إذا فاتَ أمرٌ عَاتَبَ القَدَرَا